أخر الأخبار

مجلس "الصحفيين" من "تورتة الفوز" إلى "كعكة المناصب"

التعثر حليفه في أول اختبار للتوافق

متابعة-عمرو خان

في مشهد بدا وكأنه إعادة إنتاج لمشاهد “الكراسي الموسيقية”، فشل مجلس نقابة الصحفيين في أول اختبار عملي له بعد انتخابه، خلال جلسة تشكيل هيئة المكتب ورؤساء اللجان، حيث تحوّل الاجتماع إلى ساحة سجال واشتباك على المناصب، بدلًا من كونه ساحة عمل لخدمة الجمعية العمومية.

وبينما لم تكد تنتهي احتفالات الفوز بمقاعد المجلس، حتى ظهر الصراع مبكرًا، محوره تقاسم المناصب، وشعاره الضمني: من يُمسك بزمام “اللجنة”، يُمسك بخيط النفوذ.

البيان الذي كشف ما دار خلف الأبواب المغلقة

في بيان مطول أصدره عضو المجلس محمود كامل، كُشف النقاب عن تفاصيل الجلسة التي شهدت انقسامًا حادًا داخل المجلس، بين من دعا للتوافق الديمقراطي، ومن حاول – بحسب وصف البيان – “فرض أمر واقع” والاستئثار بالمناصب الرئيسية في هيئة المكتب.

البيان، الذي جاء أقرب إلى محضر لجلسة توتر سياسي داخل برلمان، سرد وقائع الجلسة منذ بدايتها، حين دعا النقيب خالد البلشي إلى تشكيل اللجان بروح الفريق الواحد، مع السعي إلى التوافق بين ما قيل إنه “رؤيتان” داخل المجلس.

وبين شد وجذب، طرحت عدة أسماء تنازلات شكلية، أبرزها ما ذكره هشام يونس بعدم ترشحه لوكالة القيد، وتأكيد محمد سعد أنه تم التوافق على توزيع المناصب بين الطرفين، بحيث يحصل أحدهما على السكرتير العام وأمين الصندوق، والآخر على وكيلين.

لكن التوافق لم يصمد طويلًا، إذ دخلت الأسماء الخمسة: عبدالرؤوف خليفة، محمد شبانة، محمد يحيى، أيمن عبدالمجيد، ومحمد السيد الشاذلي، في مطالبة جماعية بالحصول على ثلاثة مناصب من أصل أربعة، وهو ما اعتبره باقي الأعضاء “طرحًا غريبًا” يكرّس لمبدأ الغلبة لا الشراكة.

انسحاب … وعبارة لافتة

العبارة التي ألقت بظلالها الثقيلة على المشهد جاءت على لسان الزميل محمد السيد الشاذلي، حين قال:

“نأجل الحسم براحتنا… إيه يعني؟ ما في مجلس قبل كده شكّل هيئة المكتب في 3 شهور!”

كأن الأمر لا يرتبط بمصالح آلاف الصحفيين، بل بكعكة يتفاوض الجميع على حجم نصيبه منها، ولو استغرق الأمر فصلًا دراسيًا كاملًا!

وقد انتهت الجلسة بانسحاب الأعضاء الخمسة، رغم أن النصاب القانوني ظل مكتملًا، ما فتح الباب أمام المجلس – بحسب البيان – للاستمرار في تشكيل اللجان، إلا أنه قرر بالإجماع تأجيل الحسم استجابة لرغبة المنسحبين، في “محاولة أخيرة لاحتواء الأزمة”.

المفارقة الساخرة: صراع قبل بداية العمل

في مفارقة كاشفة، يأتي هذا الخلاف في وقت لم تُنجز فيه بعد أي خطوات ملموسة لخدمة الصحفيين، الذين علّقوا آمالهم على المجلس الجديد، خاصة في ملفات العلاج، والتدريب، والدعم، والحريات، بينما انصرف أعضاء المجلس لمعارك جانبية حول من يرأس أي لجنة، ومن يحتل موقعًا أعلى على سلم “هيئة المكتب”.

وبينما استُخدمت كلمات كبيرة في الاجتماع مثل: التوافق، المراكز المتساوية، روح الفريق، تكشف تفاصيل البيان عن واقع مختلف: صراع على النفوذ، وإصرار على المحاصصة، وتلويح بالتعطيل، وصولًا إلى انسحاب احتجاجي!

ملاحظة ختامية… تراجيديا بلا كراميل

رغم ما حمله البيان من جدية ومصارحة، إلا أن القارئ لا يستطيع إغفال ما أشار إليه البيان بنبرة ساخرة في بعض جمله، خاصة حين يصف محمود كامل حالة التفاهم المفاجئ بين اثنين من الأعضاء المختلفين سابقًا بقوله:

“المشهد الإيجابي المؤثر في هذا الاجتماع هو حالة التوافق والتناغم والتلاحم التي ظهرت بين الزميلين محمد شبانة وعبدالرؤوف خليفة.”

في النهاية، يبدو أن المجلس الجديد لم يستفق بعد من نشوة الفوز، وما زال يتجادل على مائدة “تورتة الانتخابات”، بدلًا من أن ينصرف لتقسيم المهام وخدمة الصحفيين. وحتى يتم ذلك، يظل المجلس في حالة “انعقاد دائم”… وربما أيضًا في حالة “عراك دائم”.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى