أخر الأخبار

عمرو خان يكتب.. مناوشات افتراضية مع "الباز": ليست معركة رأي

يجري الدكتور محمد الباز، رئيس مجلس إدارة وتحرير جريدة “الدستور”، مناوشات افتراضية مع رواد مواقع التواصل الاجتماعي وعدد من المحركين للمواقع الإخبارية الإلكترونية. وفي المقابل، يحظى بدعم واسع من زملائه وأصدقائه، بالإضافة إلى تلاميذه في بلاط صاحبة الجلالة وطلابه السابقين في كلية الإعلام.

ولا يعود هذا الضجيج — الذي لا يصدر عن إناء فارغ — إلا إلى أسلوبه المتفرد في النقد والتحليل والسرد، وهو أسلوب طالما ميّزه عن غيره، وجعله في مصافّ رواد مدرسة صحفية تركت أثرًا واضحًا في قيادة الصحافة المصرية لعقود، ونجحت في خوض معارك حقيقية في أوقات كانت الأقلام فيها قلّما تجرؤ على قول ما يجذب القارئ ويقنعه.

يواجه الدكتور الباز اليوم مهاترات تتقاطع بين زيف الحقيقة وحقيقة الزيف، لكنه — في الحالتين — ظل دومًا شخصية إشكالية تُثير الجدل، ومصدر إزعاج للبعض،غير أنه، في كل اللحظات الحرجة وعلى كافة المستويات، لم يكن غائبًا قط، بل حاضرًا، يُحرّك الساكن ويثير الأسئلة ويضع النقاط فوق الحروف.

أثار انتقاد الدكتور محمد الباز للشاعر الكبير الراحل أحمد فؤاد نجم موجة واسعة من الهجوم عليه عبر منصات التواصل الاجتماعي، دون أن يميّز كثيرون — للأسف — بين النقد المشروع، واتهامات السب والقذف، ولا أزعم أن غالبية المهاجمين (والذين ربما تجاوزت نسبتهم 70%) قد شاهدوا أصلًا محتوى الفيديو الذي تناول فيه الدكتور الباز شخصية الفاجومي الراحل، أو حتى اطّلعوا على ما قاله بدقة.

بل إن الحملة، التي طالت أيضًا نقيب الصحفيين خالد البلشي بسبب رفضه العقوبات السالبة للحرية في القضية، بدت وكأنها مدفوعة بانفعال أكثر منها رغبة في فهم السياق، فالحكم الصادر ضد الباز جاء استنادًا إلى بلاغ من نوارة نجم، ابنة الشاعر، دون تمحيص دقيق في الفرق بين تقييم التراث الشخصي والإبداعي، وبين الاعتداء على الكرامة أو السُمعة.

وما أود الإشارة إليه بوضوح: أننا جميعًا نتحرك داخل عالم افتراضي تتقلب فيه الأدوار، ونتعرض فيه للمدح أو الذم، عن حق أو عن باطل، ووسط هذه التقلبات، يصبح من الخطير أدلجة الخلاف وتحويله إلى صراع سياسي يُراد منه النيل من شخص لمجرد أنه عبّر عن رأي لا يُرضي ذائقة البعض.

ليس عيبًا أن يقف الدكتور الباز في صف الوطن — كما يرى — بل العيب الحقيقي أن نتعامل مع مثل هذه المواقف بسطحية، ونجعل من الخلاف الشخصي ساحة لتصفية الحسابات القديمة، أو استدعاء ترسانة من التصنيفات الإيديولوجية المستهلكة، بدءًا من “اليمين” و”اليسار” وانتهاءً بتخوين هذا أو ذاك.

أما أولئك الذين يخلطون الوطن بالدولة، ويختبئون خلف مصطلحات مستهلكة، فهم ليسوا مجهولين بالنسبة لي؛ فقد عرفناهم جيدًا، منذ كنا معًا في ميادين التحرير والبستان ومحمد محمود، وحتى طلعت حرب ومكاتب الصحف ودهاليز النقاش، وحان الوقت أن نُعيد النقاش إلى أصوله: احترام الرأي، والاحتكام إلى العقل، والابتعاد عن الاصطفافات التي لا تُسمن ولا تُغني من وطن.

وأخيرًا، ليس الباز هو القضية، بل ما يمثله: حرية النقد، وحق الصحفي في أن يكون طرفًا فاعلًا في النقاش العام، لا متهمًا في قفص الاتهام كلما أغضب مَن اعتادوا التصفيق.

“وأنا، بكل ما أملك من قناعة، أقولها الآن: الكلمة لا تُحبس”.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى