أخر الأخبار

عمرو خان يكتب.. الإعلام الفاسد يُكدّر الأمن العام ويفسد المجتمعات

لا شك أن الإعلام يلعب دورًا محوريًا في تشكيل وعي المجتمعات، وتوجيه الرأي العام، بل والمساهمة في حفظ الأمن والسلم الاجتماعي.

لكن هذا الدور يتحول إلى سلاح هدام عندما يقع في أيدي من لا يؤمنون بالمهنية، أو يتاجرون بحرية التعبير لتحريف الأقوال وبث الفتن.

وقد برزت مؤخرًا حالة نموذجية لهذا الخلل، عندما تناولت بعض المنصات الإعلامية تصريحات الكاتب الصحفي إبراهيم عيسى حول قصة ذبح سيدنا إبراهيم لابنه سيدنا إسماعيل عليهما السلام.

عيسى قال، بوضوح، إن هذه القصة تمثل اختبارًا إلهيًا استثنائيًا لاثنين من الأنبياء، ولا ينبغي أن تُحمَّل دلالة تربوية على نحو يُعمّم باعتباره درسًا في بر الوالدين.

وهذه وجهة نظر فكرية يمكن مناقشتها، تأييدًا أو رفضًا، في إطار الحوار والنقد البناء، لا التجريح والتشويه.

لكن بعض المنصات عمدت إلى اجتزاء تصريحاته، واقتطاع مقاطع فيديو من سياقها، لتبدو وكأنها طعن في الدين أو إساءة للأنبياء، وهكذا تحوّل الحوار إلى حملة تحريضية متعمدة، دفعت بالكثيرين إلى استهجان التصريح دون الرجوع إلى النص الكامل أو فَهم المقصد الحقيقي.

إن ما حدث ليس مجرد خطأ إعلامي عابر، بل جريمة مهنية مكتملة الأركان، تهدد سلام المجتمع، وتفتح أبواب الفتنة بين أفراده، خاصة في ظل ما تحمله هذه الاجتزاءات من أفكار مضللة تمسّ القيم، وقد تَهدم ثوابت عقائدية وأخلاقية راسخة.

وفي هذا السياق، يبرز تساؤل ملحّ: أين دور الرقيب؟

لماذا لا نرى تدخّلًا حاسمًا من الهيئة الوطنية للإعلام أو نقابة الصحفيين لمحاسبة تلك المنصات الإعلامية التي تتعمد تشويه الحقائق؟ هل أصبح المجال الإعلامي مفتوحًا أمام من يشاء لخلق الجدل، وإشعال نار الفتنة، دون أدنى التزام بمواثيق الشرف المهني؟.

لقد أصبحنا بحاجة ماسة إلى إعلام مسؤول، يُعلي من قيمة الحوار، ولا يحوّله إلى ساحة للصراخ والاتهامات.

كما أننا بحاجة إلى مؤسسات رقابية فاعلة، لا تتعامل بازدواجية في المحاسبة، بل تقف على مسافة واحدة من الجميع، دفاعًا عن مهنة الصحافة، وصونًا لأمن المجتمع.

إن تكدير الأمن العام لا يصدر من مفكر يطرح رأيًا قابلًا للنقاش، بل من إعلامٍ فاسد يُضلّل الناس ويؤجج الصراعات.

وإذا أردنا وطنًا آمنًا مستقرًا، فعلينا أن نبدأ من حيث يبدأ الخطر: من الكلمة، ومن المنصة، ومن المسؤولية الغائبة.

 

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى