أخر الأخبار

دكتورة آفاق محمد بابكر تكتب..في غياهب المراهقة ووهجها، يتسلل الخطر بصمت

في تلك اللحظة التي يخطو فيها المراهق أولى خطواته نحو عالم النضج، تبدأ العواصف تهبُّ حوله، حاملةً إغواءاتٍ لم يكن له بها عهد، عقلُه حديث النمو الذي لم يكتمل بعد، يقوده إلي المغامرة واستكشاف المجهول، ولعلّ بين هذه المجهولات، يتربّص شبح المخدرات، ويبسط ظلاله الداكنة فوق أحلام الفتية، في محاولةٍ لإغرائهم بوعدٍ زائف من النشوة والحرية.

في تلك المرحلة، تغدو الأسرة صمام الأمان الأول والأخير، ووحده الحديث الصادق – العميق، بين الآباء وأبنائهم- قادرٌ على شق هذا الظلام، وإضاءة الطريق أمامهم، فالحوار الهادئ، الذي يتجنب التخويف ويستعيض عنه بفهم صادق للعقل المراهق، يصبح طوق نجاة يربط الفتى بأرضٍ صلبة، بعيداً عن هوة الضياع.

هكذا، يكمن السر في التواصل – لا في المحاضرات العقيمة ولا في التوبيخ – بل في الإصغاء إلى صوت المراهق، في تذكيره بأن حياته ليست ملكاً لمزاج لحظة، بل لجذوره وأحلامه، وأن خطوته الطائشة قد تكسر قلباً، وقد تهدر مستقبلاً،

إن المراهق الذي يجد حضناً حوارياً آمناً في أسرته، أقل ميلاً لمجاراة أقرانٍ قد يتباهون بسيجارة أو كأس، وهو الذي، حين يكتشف وحدته وضغطه، يجد أذناً صاغية لا حكماً قاسياً.

دكتورة آفاق محمد بابكر
دكتورة آفاق محمد بابكر

وجل ما في الأمر، إن تحصين الأبناء ليس حصناً من فولاذ، بل حصنٌ من حُبٍّ ورعاية، وعقلٍ واعٍ يدرك أن وراء كل محاولة تمرد، قلباً صغيراً يحتاج إلى الفهم، ويداً تُمسكه قبل أن يسقط.

وفي خضمّ هذه العاصفة التي تحيط بالمراهق، يتعين على الأسرة أن تُشيد جسراً من ثقة وتواصل، فتُضيء دربه بالحوار والتفهّم، فحين يجد المراهق أذناً صاغية وصدرًا رحبًا، يخفّ ميله إلى التمرد والانجراف خلف إغواءات الأصدقاء.

 

ومعرفة الأهل بأن هذه المرحلة ليست تمرُّدًا محضًا بل عطشًا لفهم العالم، تمنحهم مفتاح الوقاية الحقيقي: حوار صادق بعيد عن الوعظ والتخويف، قائم على الإصغاء والمشاركة.

ومن جانب آخر، لا يكفي الحذر وحده. بل على الأسرة أن تُنير لأبنائها دروباً بديلة: رياضة، هوايات، وفضاءات صحية تمنحهم شعور الانتماء والإنجاز. وعند ظهور علامات الخطر المبكرة – تغيّر في المزاج، ضعف التحصيل، أو صحبة مشبوهة – فالأمر يستوجب تدخلاً سريعاً دون تأخير، وربما طلب مساعدة مختصين، قبل أن تتفاقم العاصفة، فبالحبّ والحكمة، يمكن عبور هذه المرحلة العاصفة بسلام.

 

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى