
بورتسودان – الأربعاء 12 نوفمبر 2025 – سونا
في ظل تصاعد الجدل حول دور الإعلام في الأزمات السياسية والصراعات الإقليمية، تعقد وزارة الثقافة والإعلام والسياحة بالتعاون مع وكالة السودان للأنباء (سونا)، المؤتمر التنويري رقم (42) عند الساعة الثالثة من عصر غدٍ الخميس بدار الشرطة في مدينة بورتسودان، لمناقشة واحدة من أكثر القضايا حساسية في المشهد الإعلامي السوداني والعالمي، وهي التضليل الإعلامي وخرق المواثيق المهنية والضوابط الأخلاقية.
ويهدف المؤتمر إلى إلقاء الضوء على ممارسات الإعلام الموجه واستغلال المنصات الإعلامية لخدمة الأجندات السياسية الضيقة، في وقت تواجه فيه وسائل الإعلام السودانية تحديات مهنية غير مسبوقة، تتعلق بالتحقق من المعلومات، وتضارب الروايات، وغياب المصادر الموثوقة وسط اتساع رقعة الحرب والمعلومات المتداولة عبر شبكات التواصل الاجتماعي.
ويشارك في المؤتمر عدد من المتحدثين البارزين من داخل السودان وخارجه، من بينهم ممثلون عن الاتحاد العام للصحفيين السودانيين واتحاد الصحفيين الأفارقة، إلى جانب عدد من الخبراء والمهتمين بالشأن الإعلامي والأكاديمي، الذين سيناقشون في جلسات متخصصة الحدود الفاصلة بين حرية التعبير والمسؤولية المهنية، ودور المؤسسات الصحفية في التصدي لموجات التضليل المنظم التي تهدد الأمن القومي والمجتمعي.
ومن المقرر أن يتناول المؤتمر، من خلال أوراق علمية وشهادات ميدانية، أشكال الانحراف في الممارسة الإعلامية، مثل تزييف الحقائق، وبث الشائعات، ونشر الأخبار غير المؤكدة، إلى جانب تحليل الأبعاد الأخلاقية والقانونية التي تضبط العمل الصحفي وفق المواثيق الدولية التي أقرّتها منظمات مثل اليونسكو والاتحاد الدولي للصحفيين.
كما سيسلط المؤتمر الضوء على تجارب إقليمية ودولية في مواجهة التضليل الإعلامي أثناء الحروب والأزمات، مع استعراض نماذج سودانية من تغطيات إعلامية أثارت الجدل خلال الأشهر الماضية، في محاولة لاستخلاص الدروس حول كيفية تحقيق توازن دقيق بين نقل الحقيقة وحماية الأمن الوطني.
وأكدت وزارة الثقافة والإعلام والسياحة في بيانها أن المؤتمر يأتي ضمن سلسلة المؤتمرات التنويرية التي تهدف إلى “تصحيح المفاهيم الخاطئة، وبناء وعي إعلامي مسؤول يضع مصلحة السودان فوق أي انتماءات سياسية أو جهوية”، مشيرة إلى أن الدعوة موجهة إلى جميع وسائل الإعلام المحلية والدولية المعتمدة في البلاد.
ويرى مراقبون أن هذا المؤتمر يأتي في توقيت بالغ الأهمية، حيث يعيش السودان مرحلة دقيقة من الاستقطاب الإعلامي والسياسي، وسط تدفق متزايد للمعلومات المضللة عبر المنصات الرقمية ومواقع التواصل الاجتماعي، وهو ما يجعل الحاجة ملحّة إلى إرساء قواعد مهنية صارمة وتعزيز ثقافة التحقق الصحفي.
ومن المتوقع أن يخرج المؤتمر بعدة توصيات عملية تشمل وضع ميثاق وطني لتطوير الأداء الإعلامي، وإنشاء مرصد وطني لمكافحة التضليل الإعلامي، وتنظيم دورات تدريبية للصحفيين الشباب في مجالات التحقق الرقمي وأخلاقيات النشر.
واختتمت وكالة السودان للأنباء (سونا) بيانها بالتأكيد على أن المؤتمر التنويري رقم (42) لن يكون مجرد مناسبة إعلامية، بل منصة وطنية للحوار والتقويم المهني، تسعى لترسيخ ثقافة إعلامية تستند إلى الصدق والمسؤولية في زمن تتشابك فيه الحقائق مع التضليل، وتتعاظم فيه مسؤولية الصحافة كسلطة رابعة في بناء الوعي الوطني.

