أخر الأخبار

عمرو خان يكتب: نجاح اعتصام صحفيي «الوفد»..الحد الأدنى للأجور و "السيلفي النضالي"

نجح صحفيو جريدة «الوفد» في انتزاع حقهم المشروع بتطبيق الحد الأدنى للأجور بعد اعتصام سلمي منظم، شكل علامة مضيئة في مسار الصحافة المصرية النقابية، لحظةٌ طال انتظارها، وجاءت ثمرة وحدةٍ حقيقية بين الزملاء ودعمٍ ملموس من مجلس نقابة الصحفيين.

لكن وسط هذا النصر المهني، تسلل مشهد آخر — أكثر ضجيجًا، وأقل جوهرًا — حين تحول بعض المشهد النقابي إلى منصة للكاميرات، لا للمطالب.

ما جرى في «الوفد» كان اختبارًا مزدوجًا: اختبارًا للقيادة النقابية، واختبارًا للضمير الصحفي، فبينما وقف الزملاء بثباتٍ للمطالبة بحقوقهم، اختار آخرون  من المنتفعين طريق “اللقطة السريعة”، تلك التي لا تعني المشاركة بقدر ما تعني الظهور.

انتقل الاعتصام في بعض لحظاته من مساحة النقاش والتفاوض إلى مهرجان مصغر من التصوير والنشر، وكأن النضال المهني صار يحتاج إلى “تريند” ليعترف بوجوده.

المفارقة أن جوهر الحدث — وهو انتصار للوعي المهني — كاد أن يتحول إلي لا شئ بهذه المظاهر، ومع ذلك، يبقى ما تحقق مهمًا: رئيس الحزب الدكتور عبدالسند يمامة استجاب بسرعة، وأقر تطبيق الحد الأدنى على جميع العاملين، وأعلن صرف الفروق المالية، في خطوة تحسب للزملاء الصحفيين في الوفد ولرئيس الحزب ولسبعة من أعضاء الهيئة العليا الذين تكفلوا بتمويلها من جيوبهم الخاصة.

إنها لحظة إنصاف تعيد التوازن إلى العلاقة بين الصحفي والمؤسسة، بين الكلمة وحق من يكتبها.

لكن ما يثير القلق هو عقلية هؤلاء الذين اختاروا أن يكون الحدث منصة للظهور الإعلامي، أو وسيلة لإعادة ظهورهم على الساحة الصحفية مرة أخري بدون هدف أو معني، إن هؤلاء الصحفيين اعتادوا فرض وجودهم بالصور فقط، لا بالفعل ولا حتي القول.

وهناك من يريد أن يُرى وهو يشارك، لا أن يُسمع وهو يدعم ويطالب بحقوق الزملاء الصحفيين، ومع مرور الوقت، قد يتحول النضال المهني من فعلٍ جماعي إلى عرضٍ فردي، من موقفٍ مبدئي إلى منشورٍ قابل للمشاركة.

لقد آن الأوان لأن نستعيد روح الجماعة الصحفية، ودورها في عكس صورة الصحفي المنوط به تشكيل وعي الناس وتنوير المجتمع وتصحيح مساره التائهين نحو التمسك بالمبادي والفضائل والسلوك االنموذجي.

لقد حان الوقت أن نُعيد للنضال النقابي معناه الأخلاقي، بعيدًا عن ثقافة “السيلفي النضالي” التي تهدد بتحويل القضايا الجادة إلى مشاهد استعراضية، فالحقيقة أن الحقوق لا تنتزع بالتصوير، بل بالإصرار، ولا ترسخ بالظهور، بل بالموقف.

وفي النهاية، يبقى درس «الوفد» مزدوجًا:
أن الوعي الجماعي قادر على تحقيق الإنجاز،
لكن الوعي الزائف قادر على تشويهه في لقطة واحدة.

 

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى