أخر الأخبار

عمرو خان يكتب: شراكة وادي النيل الاقتصادية..الفرص والتحديات 

الملتقى الاقتصادي المصري السوداني الثاني: فرصة لتحويل التحديات إلى تكامل

انطلقت في القاهرة منتصف سبتمبر الجاري ورش تحضيرية للملتقى الاقتصادي المصري السوداني الثاني لرجال الأعمال، في خطوة تمهيدية لعقد الملتقى الرسمي خلال نوفمبر المقبل. وتُعد هذه الورش مؤشرًا على جدية البلدين في الانتقال من مرحلة التصريحات إلى مرحلة التخطيط العملي، حيث تسعى الأطراف المشاركة إلى وضع خارطة طريق واضحة تترجم الإرادة السياسية إلى مشروعات حقيقية على أرض الواقع.

الملتقى في جوهره محاولة لتجسيد التكامل الاقتصادي بين وادي النيل عبر مداخل عدة،منها: الأمن الغذائي والصحي، والخدمات اللوجستية والتكامل المصرفي والمالي، والمشاركة في مشروع إعادة إعمار السودان.

وفي سياق انطلاق الورشة التحضيرية الأولى،بعنوان:دواء واحد ..غذاء واحد، ناقش الخبراء والمحللون ومسؤولي المشروعات في البلدين فوق منصة الحوار سبل التعاون وآفق مستفبل التكامل الاقتصادي بين مصر والسودان.

فبينما تمتلك مصر بنية تحتية صناعية متقدمة وخبرة واسعة في مجالات التصنيع الغذائي والدوائي، يزخر السودان بموارد طبيعية هائلة تشمل الأراضي الزراعية الشاسعة والموارد المائية الوفيرة والثروة الحيوانية الضخمة. هذا التوزيع المتكامل بين القدرات الصناعية والموارد الخام يوفر فرصة استراتيجية لبناء شراكة اقتصادية قادرة على سد الفجوة الغذائية الداخلية والانطلاق نحو أسواق إقليمية واسعة.

لكن الطريق ليس معبّدًا بالكامل؛ إذ تواجه التجربة تحديات عميقة أبرزها ضعف الإنتاج الزراعي نتيجة لتقلب السياسات وقلة التمويل، إضافة إلى أزمات البنية التحتية والطاقة التي تعيق تطور القطاع الصناعي. كما أن فاتورة الاستيراد المرتفعة، والتي بلغت ما يقارب خمسة مليارات دولار في العام الماضي، تكشف حجم الاعتماد على الخارج، خاصة في السلع الغذائية الأساسية. هذه الفجوة، التي تُقدَّر بأكثر من مليار ونصف المليار دولار، لا تمثل عبئًا اقتصاديًا فقط، بل تشكل أيضًا فرصة استثمارية إذا ما جرى التعامل معها برؤية مشتركة.

في هذا السياق، تبرز أهمية تبني آليات جديدة مثل الزراعة التعاقدية، التي يمكن أن توفر حلولًا لمشكلات التمويل وتضمن تسويق المنتجات مسبقًا. كما أن تطوير مشروعات البنية التحتية المشتركة، من الطاقة إلى النقل والموانئ، يشكل حجر الأساس لأي شراكة ناجحة، لأنه يتيح استغلال الموارد بكفاءة أكبر ويخفض تكاليف الإنتاج والتوزيع.

الورش التحضيرية التي بدأت منتصف سبتمبر تكشف عن اتجاه عملي نحو بناء منصة للحوار بين الفاعلين الاقتصاديين في البلدين. وإذا ما نجحت هذه الورش في بلورة خطة عمل واقعية، فإن الملتقى في نسخته الثانية قد يصبح نقطة تحول حقيقية، ليس فقط في العلاقات المصرية السودانية، بل أيضًا في موقع وادي النيل كقوة إقليمية قادرة على المساهمة في أمن الغذاء الإقليمي والعالمي.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى