
شهدت القاهرة، صباح اليوم الثلاثاء، انطلاق أعمال الورش التحضيرية للملتقى المصري-السوداني الثاني لرجال الأعمال، في خطوة تعكس الإرادة المشتركة بين الدولتين الشقيقتين لتعزيز مسيرة التعاون الاقتصادي وبناء شراكات استراتيجية راسخة في مجالات التنمية المستدامة. وقد استهلت الفعاليات بورشة عمل متخصصة بعنوان «التصنيع الغذائي والدوائي بين مصر والسودان»، التي جاءت لتؤكد أهمية هذا القطاع الحيوي بوصفه أحد أعمدة الأمن القومي للبلدين.
وفي كلمته الافتتاحية، أوضح الدكتور نظمي عبد الحميد، ممثل الشركة المصرية-السودانية للتنمية والاستثمارات المتعددة، أن انعقاد هذا الملتقى يعكس الاستجابة المباشرة لرغبة القيادة السياسية في كل من مصر والسودان، والتي أولت أهمية قصوى لتكثيف الجهود الرامية إلى خدمة الشعبين وتلبية متطلباتهما المتزايدة، بما ينسجم مع خطط التنمية الإقليمية وتوجهات الاستثمار المشترك. وأكد أن الملتقى ليس مجرد مناسبة اقتصادية، بل يمثل منصة حقيقية لإرساء قواعد تعاون مؤسسي يستند إلى أسس عملية قابلة للتطبيق، ويوفر إطارًا شاملًا لتوحيد الرؤى وتنسيق السياسات، مع إفساح المجال أمام التنفيذ العملي والتكامل بين مؤسسات الأعمال.
ويُعَدّ الملتقى الاقتصادي المصري-السوداني لرجال الأعمال خطوة متقدمة على طريق تفعيل التكامل الاقتصادي بين البلدين، إذ يجمع تحت مظلته اتحادات الصناعات والغرف التجارية وكبرى الشركات الاستثمارية من الجانبين. ويُنتظر أن يسهم هذا التعاون المؤسسي في بلورة أفكار مبتكرة، وصياغة مشروعات مشتركة، بما يعزز قدرة مصر والسودان على مواجهة التحديات الاقتصادية الإقليمية والدولية، ويعطي دفعة قوية لمسيرة الشراكة نحو آفاق أكثر رحابة.
ومن المقرر أن تتضمن الورش التحضيرية التي تسبق الجلسات الرئيسية للملتقى سلسلة من العروض التوضيحية والنقاشات الموسعة حول أبرز الفرص الاستثمارية المتاحة في مجالي التصنيع الغذائي والدوائي. كما ستناقش هذه الجلسات آليات وضع خارطة طريق متكاملة تحدد الأبعاد الاستراتيجية للتعاون المستقبلي، انطلاقًا من إدراك مشترك بأن الغذاء والدواء ليسا مجرد منتجات استهلاكية، وإنما يمثلان ركيزة أساسية من ركائز الأمن القومي، وضمانة لاستقرار المجتمعات، وقاعدة للتنمية المستدامة في البلدين.
ويأتي التركيز على قطاعي الغذاء والدواء في هذا التوقيت انسجامًا مع التحولات العالمية الراهنة التي تفرض على الدول تعزيز قدراتها الإنتاجية المحلية وتقليل الاعتماد على الخارج، وهو ما يضع مصر والسودان أمام فرصة تاريخية لإقامة صناعات تكاملية كبرى تستفيد من المزايا النسبية التي يتمتع بها كل طرف؛ حيث تمتلك السودان موارد طبيعية وزراعية ضخمة، بينما تمتلك مصر خبرات صناعية متقدمة وبنية تحتية داعمة قادرة على استيعاب استثمارات كبرى. ومن هنا، فإن التعاون في هذا المجال يُتوقع أن يفتح الباب أمام نموذج اقتصادي إقليمي يحتذى به في القارة الإفريقية.

