
انقطع التيار الكهربائي عن عدد من أحياء محافظة الجيزة منذ الساعات الأولى من صباح الأحد 27 يوليو 2025 وحتى الساعة السادسة والنصف صباحًا. ومعه، انقطعت المياه كليًا.
ظن الكثيرون بدايةً أن السبب هو توقف مواتير المياه بفعل انقطاع الكهرباء، لكن المفاجأة المروعة كانت أن المياه قُطعت عموميًا، في وقت احتاج فيه الجميع إلى شربة ماء أو نسمة هواء.
ليلة سوداء… بكل ما تحمله الكلمة من معنى. ظلام دامس، حر لا يُحتمل، وعطش لا يُطاق. ما زاد المأساة هو غياب كامل للمسؤولين: رئيس قطاع كهرباء الهرم، ورئيس شركة جنوب القاهرة لتوزيع الكهرباء، بل ووزير الكهرباء الدكتور محمود عصمت، جميعهم اختاروا الصمت والاختفاء.
لم تُجب هواتفهم، لم يظهر متحدث، ولم يصدر بيان. حتى خط الطوارئ خرج من الخدمة!
في هذه الليلة المشؤومة، سجّلت درجة الحرارة في القاهرة 41.1 مئوية، وهي الأعلى في شهر يوليو، متجاوزة المعدل الطبيعي بنحو 4 درجات. ومع هذا القيظ، سجلت الشبكة القومية للكهرباء أعلى معدل استهلاك في تاريخها، وصل إلى 38 ألف ميغاوات، وفقًا لبيانات وزارة الكهرباء.
لكن، إذا كانت الوزارة تتوقع هذا الارتفاع، فأين كانت خطط الطوارئ؟ ولماذا تُرك المواطنون في العراء يعانون؟.
في دائرة العمرانية وحدها، قضى السكان أكثر من 6 ساعات بلا كهرباء ولا ماء البيوت تحولت إلى مقابر خانقة، خرج فيها الأطفال والعجائز والنساء إلى الشوارع بحثًا عن نسمة، وظهر الرجال على البلكونات شبه عراة إلا بما يستر العورة. مشاهد لا تليق ببلد، ولا بشعب، ولا بكرامة إنسان.
الأغرب أن الإنترنت الأرضي وشبكات المحمول أيضًا انهارت جزئيًا بسبب توقف محطات تغذية الأبراج بالكهرباء، مما أدى إلى حالة شلل تام في منطقة العمرانية. كان يمكن أن يتطور الوضع إلى كارثة صحية أو أمنية، لولا ستر الله فقط.
وفي ظل كل هذا، لم يتحرك نائب برلمان واحد، ولا عضو من مجلس الشيوخ، إلا شخص واحد لا يزال تحت الترشح، من المشتاقين مرحبا للكرسي أصدر بيانًا يتحدث فيه بلسان الفارس النبيل، الذي يطمئن الأسر بأن هناك من يشعر بهم ويسمع أناتهم، وأيضًا يبيض وجه الحكومة التي يسعي جاهدًا للتقرب ونيل رضاها. ولكن ما فعله كان صفعه على وجه وزارة الكهرباء، كيف يخرج مواطن ببيان، والوزارة في خبر كان؟.
وهنا، نتساءل:
إذا كانت شركات المحمول تعتذر عند انقطاع الخدمة، وتمنح تعويضًا، فهل أرواح الناس لا تستحق حتى كلمة “آسف” من وزير الكهرباء؟.
لم نرَ اعتذارًا. لم نسمع تفسيرًا. لم نشهد وعدًا بعدم التكرار.
لهذا، نحن نطالب وبشكل واضح وصريح:
1. باعتذار رسمي من وزير الكهرباء الدكتور محمود عصمت لأهالي العمرانية وكل المناطق المتضررة.
2. بفتح تحقيق عاجل لمعرفة أسباب العجز في الطاقة، وتحديد المسؤول عن هذا الانقطاع الطويل.
3 . بخطة طوارئ معلنة لضمان عدم تكرار الكارثة في ذروة الصيف القادم.
وأخيرًا : لا نريد بيانات باردة من مكاتب مكيفة
ما نحتاجه هو مسؤول لا يغلق هاتفه في وجه الكارثة، ولا يختبئ وراء السكرتارية، ولا يتعلل بضغط الشبكة. ما نحتاجه هو ضمير حي يشعر بالناس قبل أن يحاسبهم على الفواتير.
الحرّ كان نارًا، والماء كان حلمًا، والكهرباء كانت أمنية. وكل هذا في دولة من المفترض أنها تقود تحولات ضخمة في قطاع الطاقة!
ليلة 27 يوليو ليست مجرد عطل.. إنها فضيحة حكومية مكتملة الأركان.