أخر الأخبار

عمرو خان يكتب: وحدة واستقرار مصر والسودان… رسائل لقاء العلمين

رسائل لقاء العلمين في ذكرى 30 يونيو

في مشهد تتداخل فيه الجغرافيا بالتاريخ، وتتعانق فيه الهموم بالأمل، جاءت زيارة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة السوداني إلى مدينة العلمين للقاء الرئيس عبد الفتاح السيسي، كحدث يتجاوز البروتوكولات الدبلوماسية إلى رسائل أعمق تمس جوهر استقرار الإقليم، وتمتد جذوره إلى ما هو أبعد من السياسة الآنية.

ففي توقيت رمزي متزامن مع الذكرى الحادية عشرة لثورة 30 يونيو، التي أعاد فيها الشعب المصري تصحيح المسار وصان إرادته الوطنية، ظهر الرئيس السيسي، القائد الذي حمل مسؤولية وطن بأكمله على كتفيه، مجددًا التزامه تجاه الجار الشقيق السودان، وتأكيده أن أمن السودان ووحدته واستقراره جزء لا يتجزأ من أمن مصر القومي واستقرار المنطقة برمتها.

لقاء في مدينة السلام… ورؤية لمستقبل مشترك

مدينة العلمين الجديدة، التي باتت رمزًا للتنمية والتحديث، تحولت في هذا اليوم إلى منصة للسلام والحوار الإقليمي. فاللقاء بين السيسي والبرهان لم يقتصر على متابعة تطورات الأزمة السودانية فقط، بل تجاوز ذلك إلى وضع إطار متكامل لتكثيف التنسيق الثنائي في ملفات إعادة الإعمار، والتكامل الاقتصادي، وحماية الأمن المائي، ومجابهة التدخلات الإقليمية التي تهدد استقرار وادي النيل والقرن الأفريقي.

الرسالة الأولى التي حملها اللقاء هي أن مصر لن تتخلى عن السودان، لا في لحظة ضعف، ولا في ساعة شدة. فالموقف المصري ثابت: السودان الموحد المستقر هو ضرورة أمنية وإنسانية وتاريخية، وليس خيارًا دبلوماسيًا فحسب.

30 يونيو… وذكريات الدفاع عن الوطن

أن يتزامن اللقاء مع ذكرى 30 يونيو له دلالته الخاصة؛ فهذه المناسبة ليست فقط محطة مفصلية في التاريخ المصري الحديث، بل باتت رمزًا لإرادة الشعوب في رفض الفوضى والانقسام، والسير نحو الدولة الوطنية المستقرة. وما أشبه حال السودان اليوم بما كانت عليه مصر قبل 30 يونيو، حين تكالبت التحديات، وراهن كثيرون على سقوطها، لكن الشعب قرر أن ينهض، وأن يتقدم الصفوف بقيادة وطنية تعرف جيدًا أن الأوطان لا تبنى بالخطب، بل بالتضحيات والقرارات الصعبة.

زيارة البرهان في هذا التوقيت تعكس إدراكًا سودانيًا بأن مصر لم تكن ولن تكون يومًا دولة جوار عابرة، بل هي شريك تاريخي وشريان دعم لا ينقطع. كما تعبر عن رغبة في استلهام تجربة مصر في استعادة الدولة ومؤسساتها من ركام التهديد، واستعادة زمام المبادرة بعيدًا عن منطق الحرب والانقسام.

ما بعد اللقاء… مسؤولية تاريخية

ليس المطلوب فقط أن تتواصل اللقاءات والزيارات، بل أن تتحول مخرجاتها إلى خارطة طريق واضحة المعالم، تشمل تسهيل جهود الإغاثة، ودعم الحوار السوداني-السوداني، وتوسيع الاستثمارات المصرية في السودان، وتكثيف التعاون الأمني والعسكري لحماية الحدود من التهديدات العابرة، ومجابهة التمدد الخارجي في الخاصرة الإفريقية للعالم العربي.

فمصر والسودان، مهما حاولت الجغرافيا السياسية أن تباعد بينهما، سيبقيان توأمين في المصير، وسدًّا منيعًا في وجه الفوضى إن تكاملت رؤاهما.

ختامًا…إن لقاء العلمين بين السيسي والبرهان في ذكرى ثورة 30 يونيو ليس مجرد محطة دبلوماسية، بل تجسيد لحقيقة ثابتة: أن وحدة واستقرار مصر والسودان هما حجر الأساس في استقرار الإقليم، وأن التاريخ لا يرحم من يتخلى عن أشقائه في زمن الشدة. فلتكن هذه الزيارة بداية جديدة، لا فقط في العلاقات الثنائية، بل في بناء مستقبل مشترك، قوامه الأخوة، وأداته التعاون، وهدفه استعادة السلام والكرامة لكل شعوب وادي النيل.

 

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى