أخر الأخبار

ترامب يغرد على الهجوم الإيراني: لماذا خفّف ترامب نبرة الرد على طهران؟"

 تأتي تغريدة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب  عبر منصة ( X ) بعد الهجوم الصاروخي الإيراني على قاعدة العديد الجوية الأمريكية في قطر ليعكس عدة رسائل سياسية واستراتيجية دقيقة.

أولاً، نبرة التغريدة هادئة نسبيًا، تحمل في طياتها محاولة واضحة لعدم تصعيد الموقف نحو مواجهة شاملة، وبدأ ترامب حديثه بتأكيد أن الرد الإيراني كان “ضعيفًا للغاية” وأن الولايات المتحدة “تصدت له بفعالية”، في محاولة لطمأنة الداخل الأمريكي وحلفاء واشنطن في الخليج بأن القوات الأمريكية ما زالت تملك زمام المبادرة.

و استخدام ترامب لمفردات مثل “لم يُصب أي أمريكي بأذى” و”لم يحدث أي ضرر يُذكر” يخدم في تهدئة الرأي العام الأمريكي، الذي لا يرغب في الانجرار إلى حرب جديدة، خاصة في عام انتخابي.

ثانيًا، الإشارة إلى أن إيران “أخرجت كل شيء من نظامها” تكشف نية واضحة من ترامب لإغلاق حلقة التصعيد الحالية. هو يريد أن يوحي بأن طهران قد ردّت بما يكفي لحفظ ماء وجهها أمام جمهورها الداخلي، بينما واشنطن تحتفظ بالتفوق العسكري والمعنوي، وهنا ترامب يترك الباب مفتوحًا أمام تهدئة محتملة دون الإضرار بهيبة الولايات المتحدة.

ثالثًا، شكر ترامب لإيران على “إعطائنا إشعارًا مبكرًا” يعكس بوضوح وجود قنوات غير مباشرة للتواصل بين الطرفين، ربما عبر وسطاء إقليميين أو من خلال آليات عسكرية – دبلوماسية تهدف إلى منع سوء الفهم أو التصعيد غير المقصود.

و هذه النقطة بالغة الأهمية، لأنها تشير إلى وجود مساحة دبلوماسية يجري العمل فيها رغم الأجواء العدائية.

رابعًا، لفت الانتباه إلى إسرائيل في نهاية التغريدة، والدعوة لأن “تحذو حذوها” في طريق السلام، تكشف عن رغبة ترامب في استخدام هذه الأزمة لتحقيق مكاسب سياسية أبعد: أي تعزيز دوره كوسيط محتمل للسلام في المنطقة، وهو أمر اعتاد ترامب التركيز عليه في خطابه السياسي، خاصة في سياق “صفقات القرن” السابقة.

في المحصلة، تعكس تغريدة “ترامب” توجهًا أمريكيًا لضبط التصعيد واحتوائه، مع الحرص على تأكيد صورة الردع الأمريكي، دون دفع الأمور إلى حافة الحرب المفتوحة، ويراهن “ترامب ” على أن إيران لن تذهب أبعد في الرد العسكري، وأن نافذة الدبلوماسية لا تزال قائمة، لكن يبقى هذا التحليل رهينًا بما ستقرره القيادة الإيرانية في الأيام المقبلة، وبمدى قدرة الأطراف الأخرى في المنطقة على كبح مسار التصعيد.

تغريدة ترامب على هجوم إيران

طريقة الرد الأمريكي

من المهم أن نتوقف أيضًا عند اختيار ترامب لطريقة الرد — عبر تغريدة وتصريح مكتوب — بدلاً من الظهور في مؤتمر صحفي مباشر. هذا الاختيار يحمل عدة دلالات سياسية:

أولاً، التقليل المتعمد من حجم الحدث. فالظهور في مؤتمر صحفي عاجل يعطي وزنًا إعلاميًا كبيرًا للهجوم الإيراني، في حين أن نشر بيان مختصر أو تغريدة يعكس رغبة ترامب في إبقاء المشهد تحت السيطرة، وعدم منح طهران انتصارًا معنويًا في معركة الرأي العام.

ثانيًا، حسابات الداخل الأمريكي. في عام انتخابي، يدرك ترامب أن صورته كرئيس “يحافظ على السلم الأمريكي” أهم بكثير من صورة الرئيس الذي يدير حربًا جديدة في الشرق الأوسط. بيان مكتوب يسمح له بترتيب الرسالة بعناية، بعيدًا عن الانفعالات أو الأسئلة الصحفية المحرجة حول خيارات الرد، أو احتمالات التصعيد العسكري.

ثالثًا، إرسال إشارات مزدوجة إلى الحلفاء والخصوم: مضمون الرسالة يهدئ الداخل، ويطمئن الحلفاء، لكنه في الوقت نفسه يترك الباب مفتوحًا أمام خيارات التصعيد، في حال تجرأت إيران على خطوات إضافية. تغريدة محسوبة بدقة تحقق هذا الهدف من دون “رفع السقف” إعلاميًا أو عسكريًا.

في المجمل، الاختيار المتعمد لوسيلة التصريح هو جزء من استراتيجية أمريكية أوسع هدفها ضبط الإيقاع السياسي والإعلامي للأزمة، مع إبقاء زمام المبادرة في يد واشنطن.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى