أخر الأخبار

لماذا لا يمكن للآلة أن تنتصر على الإنسان؟

عمرو خان

قوة العقل البشري لم ولن تضاهيه أي قوة صناعية أو تكنولوجية على وجه الأرض، في أي عصر من العصور، سواء في الماضي أو المستقبل، فقد خُلق الإنسان بقدرات غير محدودة على الإبداع والتفرد والابتكار.

لذا، من غير المقبول أن نسمح للآخرين بالتلاعب بعقولنا أو توجيهنا نحو الاستسلام لفكرة محدودية قدراتنا أمام الذكاء الاصطناعي أو غيره من مظاهر التطور التكنولوجي.

بين الإبداع الفطري والتطور الصناعي

ظلّ العقل البشري عبر العصور أعظم أسرار الكون وأقواها تأثيرًا؛ فهو ليس مجرد أداة تفكير، بل طاقة خلاقة متجددة، قادرة على تجاوز حدود المألوف وصياغة المستقبل بإبداع لا يقف عند حد. ومهما بلغت التكنولوجيا من تطور، ومهما نمت قدرات الذكاء الاصطناعي، فإن العقل البشري يظل متفردًا بقدرات لا يمكن محاكاتها بالكامل؛ فهو يملك القدرة على الإلهام، التأمل، الحدس، التخيل، والتعاطف، وهي سمات لا تزال عصيّة على الصناعة والبرمجة.

لقد أثبت التاريخ مرارًا أن العقل البشري هو المحرّك الرئيسي لكل تقدم. فقد اخترع الإنسان الكتابة لتدوين المعرفة، والعجلة لتسهيل النقل، والنار لطهو الطعام والوقاية، والتلسكوب لفهم الفضاء، والمجهر لاكتشاف العالم الخفي. هذه الابتكارات لم تأتِ من تكنولوجيا جاهزة، بل من تأمل عميق، وفضول، وقدرة على طرح الأسئلة والبحث عن إجابات في قلب المجهول.

عبقرية الإنسان في أروع تجلياتها

من الأمثلة الحية على عبقرية الإنسان، قصة نيوتن مع قانون الجاذبية، أين تحولت مشاهدته لسقوط تفاحة إلى اكتشاف علمي غيّر وجه الفيزياء. وأينشتاين لم يكن يستخدم أجهزة متطورة حين صاغ نظريته النسبية، بل كان يبحر في عقلِه متخيلًا ركوب شعاع من الضوء. دا فينشي رسم نموذجًا أوليًّا للطائرة قبل قرون من ولادة علم الطيران، فقط بإلهام من الطيور.

العقول العربية… صفحات مشرقة في سفر الإبداع

لم تكن العقول العربية أقل شأنًا. بل كانت في فترات طويلة من التاريخ منارة للعلم والمعرفة. يكفي أن نذكر:
  • ابن الهيثم، الذي وضع أسس علم البصريات، واستبق الكاميرا بفكرة الغرفة المظلمة.
  • الرازي، الذي صنّف الأمراض بدقة وابتكر أدوات للجراحة وطرقًا لمعالجة الأمراض النفسية.
  • الخوارزمي، الذي أسس علم الجبر وأسهم في تطوير الخوارزميات، وهو أساس علم الحاسوب اليوم.
  • الزهراوي، الذي أبدع في الجراحة، واخترع أكثر من 200 أداة جراحية لا تزال تُستخدم بأشكال حديثة.

المهم: إن العقل البشري ليس مجرد أداة؛ إنه خزان هائل للقدرات اللامحدودة. التقدم التكنولوجي، بما فيه الذكاء الاصطناعي، ليس تهديدًا، بل دليلٌ جديد على طاقة العقل البشري. لكن الخطر الحقيقي يكمن حين نُسلم عقولنا دون وعي، ونسمح للآلة بأن تحد من خيالنا.

فلنكن أوفياء لما ميّزنا به الخالق: نعمة التفكير، والقدرة على الخلق والإبداع. وما دامت هذه الشرارة حية، فسيظل العقل البشري سيد التقنية، لا تابعًا لها.

 

 

 

 

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى