
القاهرة – عمرو خان
إذا كان هذا هو جهد التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة “صمود”، وهذه هي نواياه تجاه وطنه السودان وشعبه، فلماذا لا تُوجَّه هذه الجهود إلى الداخل بدل أن تبقى مركّزة على الخارج؟
وإذا كان التحالف يرى في خارطة طريق الرباعية مدخلًا لتحقيق السلام، فلماذا لا يتواصل مع القوات المسلحة السودانية لتقريب وجهات النظر وتوحيد المواقف الوطنية؟

وهل ما زالت القوى المدنية أسيرة تصلب الرأي الذي جعلها في عزلة عن الواقع الميداني والسياسي للبلاد؟
أسئلة مشروعة تطرح نفسها عقب التصريح الصحفي الصادر عن تحالف “صمود” في الخامس من نوفمبر 2025، والذي كشف فيه عن سلسلة اجتماعات عقدها وفده في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا مع مسؤولي الاتحاد الأفريقي، يتقدمهم السفير محمد بلعيش والوزير محمد الأمين سويف. وناقش التحالف خلال اللقاءات سبل الوصول إلى وقفٍ عاجل لإطلاق النار في السودان، وفقًا لخارطة طريق الرباعية، مع التأكيد على حماية المدنيين وضمان وصول المساعدات الإنسانية.
التحالف طرح كذلك رؤيته لربط المسارات السلمية المختلفة وتنسيق الجهود المحلية والإقليمية والدولية وصولًا إلى سلام عادل ومستدام. لكن هذه الجهود، رغم أهميتها الدبلوماسية، تبدو وكأنها تتحرك خارج حدود الميدان السوداني، في وقت يحتاج فيه الداخل إلى مبادرات مباشرة تعيد الثقة بين القوى الوطنية، وتدفع باتجاه مصالحة حقيقية تبدأ من الخرطوم لا من أديس أبابا.
إن أحد أسباب الفُرقة السودانية المزمنة يكمن في تصلب المواقف لدى بعض القوى المدنية التي ما زالت تنظر إلى نفسها باعتبارها الوصيّ الوحيد على الثورة. هذا الاعتقاد، مهما كانت دوافعه النبيلة، ساهم في إضعاف الجبهة الداخلية وفتح المجال أمام مزيد من الانقسام السياسي والعسكري.
لذلك، فإن المسار الذي تسلكه “صمود” يمكن أن يكون خطوة مهمة إذا ما أُعيد توجيهه نحو الداخل — نحو الحوار مع الجيش، ومع قوى المجتمع المدني والمبادرات المحلية. فالسودان لا يحتاج اليوم إلى بيانات جديدة بقدر ما يحتاج إلى إرادة سودانية حقيقية، تُوقف الحرب وتُعيد بناء الثقة بين شركاء الوطن الواحد.
