أخر الأخبار

لقاء “التيار الوطني” بممثل الاتحاد الإفريقي ومساره في المشهد السوداني

أولًا: خلفية اللقاء

عقد ممثلون عن كيان سياسي يُعرف باسم التيار الوطني لقاءً رسميًا مع الممثل الخاص لرئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي إلى السودان ورئيس مكتب الاتصال الإفريقي، السيد محمد بلعيش، وذلك في إطار التحركات السياسية المرتبطة بالتحضير لحوار سوداني–سوداني محتمل.

اللقاء تناول قضايا تتعلق بتصميم العملية الحوارية، وضمان شمولية المشاركة، ومعايير اختيار الأطراف، إضافة إلى دور المؤسسات الإقليمية والدولية في رعاية ومراقبة أي مسار سياسي قادم. وفي ختامه، قدّم التيار الوطني مذكرة رسمية تتضمن رؤيته لما يجب أن يكون عليه الحوار.

ثانيًا: التعريف بالأطراف المشاركة

1. محمد بلعيش
دبلوماسي جزائري، يشغل منصب الممثل الخاص لرئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي إلى السودان. دوره يتمثل في:

استقبال واستماع مختلف القوى السياسية والمدنية.

رفع تقارير تقييمية لمفوضية الاتحاد الإفريقي في أديس أبابا.

المساهمة في رسم صورة أولية عن الأطراف المرشحة للمشاركة في أي عملية سياسية.

بلعيش لا يملك سلطة قرار، لكنه يملك قوة التأثير غير المباشر عبر التقارير والتوصيات.

2. نورالدين صلاح الدين
رئيس المكتب التنفيذي للتيار الوطني.
يمثل الواجهة التنظيمية للتيار، ومسؤول عن تقديمه ككيان منظم يمتلك هياكل داخلية، وليس مجرد مبادرة سياسية عابرة.

3. محمد عقاب
رئيس اللجنة السياسية في التيار الوطني.
يقف خلف صياغة الرؤى والمذكرات السياسية، ويُعد المسؤول عن الخطاب السياسي والفكري المقدم للمؤسسات الإقليمية.

ثالثًا: ما هو “التيار الوطني”؟

التيار الوطني ليس حزبًا تقليديًا ذا جذور تاريخية، ولا يُعد من القوى الجماهيرية الكبرى في السودان. يمكن توصيفه على النحو التالي:

كيان سياسي/تحالف ناشئ.

يطرح نفسه كتيار غير مؤدلج.

يسعى للتموضع خارج الاستقطاب التقليدي بين:

الإسلاميين.

قوى الحرية والتغيير بصيغها المختلفة.

خطابه يرتكز على مفاهيم مثل:

التوافق الوطني.

الحوار الشامل.

التأسيس لمرحلة سياسية جديدة بعد فشل النخب القديمة.

رابعًا: موقع التيار الوطني داخل خريطة القوى السودانية

في المشهد السوداني الراهن، يمكن تقسيم القوى إلى خمسة معسكرات رئيسية:

1. التيارات الإسلامية.

2. قوى الحرية والتغيير وتفرعاتها.

3. الحركات المسلحة.

4. المؤسسة العسكرية.

5. كيانات مدنية وسياسية جديدة تحاول الظهور بعد الحرب.

التيار الوطني ينتمي بوضوح إلى المعسكر الخامس، أي:

لا يمتلك قوة عسكرية.

لا يتمتع بقاعدة جماهيرية واسعة.

يحاول شغل مساحة “البديل المدني العقلاني”.

هذا الموقع يمنحه مرونة سياسية، لكنه في الوقت نفسه يضعه في دائرة الضعف من حيث القدرة على التأثير الفعلي.

خامسًا: دلالات اللقاء مع الاتحاد الإفريقي

اختيار التيار الوطني لقاء الاتحاد الإفريقي بدلًا من قوى سودانية أخرى يحمل عدة دلالات:

الحوار السوداني لم يبدأ فعليًا بعد، والبوابة الحقيقية تمر عبر الرعاة الدوليين.

الاتحاد الإفريقي أحد أبرز الوسطاء المحتملين.

اللقاء يمثل محاولة تسجيل وجود مبكر في دفاتر العملية السياسية.

تسليم مذكرة رسمية يعني سعي التيار إلى:

إدراج رؤيته ضمن المرجعيات الأولية للحوار.

ضمان عدم استبعاده إذا ما انطلقت العملية السياسية رسميًا.

سادسًا: تقييم الجدية والفعالية

مؤشرات الجدية:

لقاء رسمي مع مؤسسة إقليمية معترف بها.

طرح مكتوب ومنضبط.

خطاب هادئ بعيد عن الشعبوية.

مؤشرات الضعف:

غياب قاعدة شعبية مؤثرة.

محدودية الحضور داخل السودان مقارنة بالتحرك الخارجي.

عدم امتلاك أدوات ضغط سياسية أو جماهيرية.

التقييم العام: التيار الوطني لا يُعد حاليًا فاعلًا رئيسيًا في المشهد، لكنه يسعى بذكاء إلى عدم البقاء خارج اللعبة، انتظارًا لتحولات محتملة قد تفرض البحث عن بدائل مدنية جديدة.

سابعًا: تقدير الموقف

يمثل لقاء التيار الوطني بالاتحاد الإفريقي خطوة سياسية محسوبة تهدف إلى التموضع المبكر في مسار لم يتشكل بعد. التيار لا يمتلك وزنًا حاسمًا في الوقت الراهن، لكنه يحاول الاستفادة من فراغ المشهد وفشل القوى التقليدية ليقدّم نفسه كخيار مدني بديل. نجاح هذا المسعى سيظل مرهونًا بقدرته على الانتقال من مخاطبة المؤسسات الدولية إلى بناء حضور حقيقي داخل المجتمع السوداني.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى