
وسط أجواء إقليمية مشحونة، تتسم بتصعيد متسارع في المواجهات العسكرية بين إسرائيل وإيران، ومع تزايد المؤشرات على احتمال انخراط مباشر لبعض القوى العظمى في مسار الصراع، و جه عمرو موسى، الأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية ووزير الخارجية المصري الأسبق، نداءً عاجلًا بضرورة انعقاد مجلس الأمن القومي المصري، تحسبًا لتداعيات هذا النزاع الخطير على أمن واستقرار منطقة الشرق الأوسط، وعلى المصالح الحيوية المصرية.
وأكد موسى، في بيان صدر اليوم، أن الحرب الدائرة بين تل أبيب وطهران لم تعد مجرد صراع ثنائي محصور في نطاق جغرافي ضيق، بل باتت تحمل في طياتها مخاطر الانفجار الإقليمي، مع إمكانيات جدية لتوسّع المواجهات في محيط الشرق الأوسط بأسره، في ظل حالة من الاستقطاب الدولي المتصاعد.
وأضاف أن تلك التطورات تضع مصر أمام تحديات لا يمكن إغفالها، سواء على مستوى الأمن القومي أو الاستقرار الداخلي، الأمر الذي يفرض على صناع القرار التحرك العاجل لقراءة المشهد بعمق، واستباق التحولات القادمة.
وأوضح موسى أن المادة 205 من الدستور المصري، التي نصّت على إنشاء مجلس الأمن القومي المصري، تمنحه صلاحيات جوهرية للتعامل مع مثل هذه المواقف الدقيقة، إذ توكل إليه “مواجهة الأزمات والالتزامات التي تهدد أمن البلاد، واتخاذ ما يلزم لاحتوائها، وتحديد مصادر الأخطار التي تهدد الأمن القومي المصري في الداخل والخارج، ووضع الإجراءات الكفيلة بالتصدي لها”.
ودعا إلى أن يتحمّل المجلس مسؤوليته في هذه اللحظة الحرجة، وأن ينعقد دون تأخير لمناقشة التطورات الخطيرة في الإقليم.
سياق الأزمة:
تشهد منطقة الشرق الأوسط واحدة من أكثر الفترات اضطرابًا منذ سنوات، بعدما انفجرت المواجهات المباشرة بين إسرائيل وإيران في مسارات عسكرية غير مسبوقة، امتدت من ساحات القتال في سوريا ولبنان، إلى استهداف متبادل لمنشآت وبنى تحتية استراتيجية.
وقد ترافق هذا التصعيد مع موجات من التصريحات النارية بين الطرفين، وزيادة التحشيد العسكري في البحر الأحمر والخليج العربي.
في الأثناء، تتابع العواصم الكبرى – وعلى رأسها واشنطن وموسكو وبكين – بقلق بالغ مجريات الميدان، وسط مؤشرات على أن بعض هذه القوى قد تجد نفسها مدفوعة إلى التدخل، سواء لحماية مصالحها المباشرة أو عبر تحالفاتها الإقليمية.
ويرى مراقبون أن اتساع دائرة الحرب قد يهدد بانهيار المنظومة الأمنية الهشة في الشرق الأوسط، ويُدخل المنطقة في حالة من عدم الاستقرار طويل الأمد، ستكون له تبعات اقتصادية وأمنية عميقة.
موقف مصر:
في هذا الإطار، يشير خبراء إلى أن موقع مصر الاستراتيجي، ودورها المحوري في التوازنات الإقليمية، يفرضان عليها ضرورة اليقظة الكاملة أمام أي تحوّل قد يمسّ المصالح الوطنية.
فسواء على صعيد أمن الملاحة في قناة السويس، أو استقرار الجوار العربي، أو أمن الحدود، أو حركة الطاقة والتجارة الدولية، فإن تداعيات الحرب الإسرائيلية الإيرانية مرشحة لأن تترك أثرها المباشر وغير المباشر على المشهد المصري.
من هنا جاءت دعوة عمرو موسى لمجلس الأمن القومي المصري، باعتباره الجهة الأرفع التي يناط بها تخطيط السياسات العليا في مجال الأمن القومي، واتخاذ ما يلزم من تدابير وقائية واستباقية.
وهنا وسط تصاعد نذر الحرب واتساع رقعة المخاطر في المنطقة، تبقى العيون شاخصة إلى كيفية تعامل القاهرة مع التطورات، وإلى ما سيصدر عن مجلس الأمن القومي المصري – إن انعقد – من قرارات أو توصيات تواكب خطورة اللحظة.
