تشهد العلاقة الأمنية بين الولايات المتحدة والصومال تحولات جذرية نتيجة لتقليص واشنطن لمساعداتها العسكرية والأمنية، في إطار إصلاحات سياسة إدارة ترامب تجاه أفريقيا.
و يأتي هذا التراجع في وقت تشهد فيه حركة الشباب الإرهابية، المرتبطة بتنظيم القاعدة، تقدمًا ميدانيًا ملحوظًا في مناطق استراتيجية بالصومال، مما يثير تساؤلات بشأن قدرة الحكومة الصومالية على مواجهة التهديد المتصاعد.
وتتضح المخاوف من أن تخفيض الدعم قد يؤدي إلى تعميق الأزمات الأمنية، وخلق فراغ قد تستغله الجماعات الإرهابية لتعزيز وجودها وتأثيرها ليس فقط في الصومال، بل في دول الجوار مثل كينيا وإثيوبيا.
وفي ظل هذه التطورات، أبدت العديد من المصادر والمراقبين السياسيين عجز الإدارة الأمريكية عن تقييم التهديد الحقيقي الذي تمثله حركة الشباب، خاصة مع تزايد تحالفاتها الإقليمية، أبرزها مع الحوثيين في اليمن.
ورغم وجود قوات أمريكية في المنطقة، إلا أن تقليص الدعم للقوات الخاصة الصومالية «داناب»، التي تعتبر الركيزة الأساسية في مكافحة الإرهاب، يضعف من فاعلية العمليات العسكرية ويخفض الروح المعنوية بين الجنود المحليين. هذه الخطوة تأتي على خلفية توترات متصاعدة بين واشنطن وحكومة الصومال، حيث تنتقد الولايات المتحدة ضعف التركيز الحكومي على قضايا الأمن ومكافحة الإرهاب، مقابل الانشغال بالسياسة الداخلية، مما يهدد جهود استقرار البلاد.
وتنبع أهمية هذا الملف من كونه لا يعكس فقط أبعادًا عسكرية وأمنية، بل يمتد إلى تأثيرات سياسية واقتصادية على الصومال والمنطقة بأسرها، إذ يعزز الانسحاب الأمريكي احتمالات اتساع دائرة نفوذ الجماعات المسلحة، ويعمق الانقسامات السياسية داخل الصومال، مما يضعف الجهود الدولية لمحاربة الإرهاب ويهدد الاستقرار الإقليمي.
وبالرغم من دعم واشنطن لبعض شركائها الأمنيين الإقليميين، إلا أن نقص التمويل وتأخر رواتب قوات الاتحاد الأفريقي تفرض تحديات إضافية أمام تحقيق الأمن والتنمية في البلاد. ويظل السؤال مفتوحًا حول كيفية استجابة المجتمع الدولي لهذه التحولات، ومدى قدرتها على دعم الصومال في تجاوز هذه المرحلة الحرجة.


