
يغادر الدكتور أشرف زكي موقعه في نقابة المهن التمثيلية كما اعتدناه؛ في هدوءٍ يليق بالكبار، وصمتٍ يعكس سيرة رجل آمن بأن خدمة الفن والفنانين لا تحتاج إلى صخبٍ أو أضواء، بل إلى قلبٍ حاضر وعقلٍ متزن ويدٍ ممتدة في كل حين.
عرفناه دمث الخلق، طيب المعشر، بشوش الوجه، يحمل شهامة “ولاد البلد” ونبل المواقف التي لا تُشترى. لم يكن نقيبًا يكتفي بالمكاتبات والبيانات، بل ظل حاضرًا في كل موقف يحتاج إلى كلمة أو وقفة أو دعم. كان يطل فجأةً في لحظة أزمة، أو يظهر بلا استئذان في مشهد يحتاج إلى صوت النقابة، فيتحدث بحسم، ويفعل بصدق، وكأنما النقابة هي بيته الكبير والفنانون أبناؤه وإخوته.
أدار الرجل السفينة في بحرٍ يعج بالتيارات، فحافظ على وحدتها، وأرسى قواعد التضامن بين أجيال المهنة. مدّ يده إلى الرواد الذين أقعدتهم السنون عن العمل، ووقف بجوار كبار الفنانين الذين ضاق بهم الحال، وجعل من العمل النقابي جسرًا إنسانيًا قبل أن يكون تنظيمًا إداريًا.
واليوم، يترك أشرف زكي موقعه في هدوءٍ يشبه نبرته حين يهمس، غير أن هدوءه هذا صنع ضجيجًا في قلوب محبيه وزملائه. يغادر الرجل منصبه، لكن أثره باقٍ، وسيرته ستظل تروى في كواليس الفن وفي ذاكرة كل من عرفه أو عمل معه.
مغادرة في ظاهرها صامتة، وفي جوهرها صاخبة، لأنها تترك خلفها فراغًا لا يملؤه سوى شخصية استثنائية امتلكت مزيج الحكمة والبساطة والصلابة في آن واحد.